
في الموسم الرياضي 78/77، شنت الشرطة العسكرية هجمات على ملاعب كرة القدم، لخطف الشباب وضمهم بالقوة للخدمة الإلزامية، وكان ملعب المدينة الرياضية في بنغازي، الذي كان يستضيف مباراة شهيرة عند كل سكان بنغازي وهي مباراة (النصر والهلال)، مسرحاً لواحد من هذه الهجمات، ومنذ ذلك اليوم لم تطأ قدم أحد من الجماهير الرياضية الملاعب، تخوفاً من مثل هذه الهجمات.
وبعد صدور الكتاب الأخضر، وإيقاف النشاطات الرياضية في البلاد، وتحول الرياضة التقليدية إلى ما سمي في ذلك الوقت (رياضة جماهيرية)، وتكوين لجان شعبية للإشراف على الأندية الرياضية في بنغازي، ابتعد الكثيرون المحبون للرياضة عن التردد على هذه الأندية، ولم يجد جمهور الكرة الليبية متنفساً للترويح عن النفس وشغل أوقات الفراغ ومتابعة ومزاولة اللعبة الشعبية الأولى التي يحبها ويعشقها، (كرة القدم)، إلا بتنظيم دوريات شبابية، خاصة في أشهر رمضان في عدة أحياء من مدينة بنغازي، خرجت فكرتها من ابن بنغازي وشارع شمسة لاعب التحدي (علي زينوبة) بمعاونة ولد لبلاد ومكتشف المواهب (مفتاح الهمالي) الشهير بمفتاح شقة، ومشاركة شباب آخرين، وأطلق على هذه المسابقات، اسم شعبي تداول بين الناس، وهو ملعب الستاك (خليط من الاسمنت والرمل)، في أماكن متفرقة من أحياء بنغازي مثل دوري ستاك الضريح، ودوري ستاك سيدي حسين، ودوري ستاك بالقرب من السوق العام في الرويسات، ودوري ستاك بجانب مستشفى الجمهورية.
لكن أشهر هذه الدوريات،كان دوري ستاك العمارات الخمسة بالقرب من ضريح عمر المختار، الذي أقيمت أولى مبارياته عام 1979، وشمل فرق ممثلة لأحياء مدينة بنغازي مثل، سوق الحوت، والشابي، والميدان، والعمارات، ونجوم الصابري، وخريبيش، محمد موسى، ضمت نجوم الكرة الليبية، أمثال فوزي العيساوي وعمر القزيري وعلي البشاري، وعز الدين بسيكري، وماماش، وعلي مرسال ورمزي الكوافي، نجيب بادي، وإبراهيم جريبيع، محمد حسن، فرج ميلود، محمد فرج، ولاعبون آخرون برزوا في ملاعب الستاك ولم ينضموا للأندية، مثل، إبراهيم النيهوم، فرج الجازوي، والمهداوي التشنة، واسماعيل التركي.
كان التنافس كبيراً جداً بين الفرق في هذا الدوري، وإن كان فريق الميدان بنجومه المعروفين قد ظفر بالبطولة في مرتين (في عامي 81/79) .. وفريق النجوم في عام 80.
وكان المشجعين من كل الأعمار يتقاطرون منذ الظهر، محملين بكراسيهم الصغيرة، للحصول على مكان مناسب للفرجة والتمتع بمشاهدة النجوم، وقضاء الوقت حتى موعد الإفطار، وكان حكام مبارايات الدوري، لاعبين دوليين، مثل، يوسف صدقي ويوسف إبراهيم، أما قرعة وجدول مباريات الدوري، فكانت تقام فى بيت لاعب التحدي علي زينوبة فى شارع شمسة.
تنظيم هذه الدوريات وإدارتها كان يتم بالمجهودات الفردية وحماس الشباب، ومن أجل توفير كل مستلزمات إقامة الدوري، ساعد لاعب الهلال الدولي، المرحوم ديمس الكبير، بتوفير شباك حراس المرمى، والكرات، بينما قامت شركة الأنابيب بصناعة العارضات.
في هذه الدوريات التي سيضل سكان بنغازي يتذكرونها على مدى الأيام، وخاصة الكبار في السن، برزت مواهب رياضية شقت طريقها بعد ذلك مع الأندية الرياضية المختلفة بعد عودة النشاط الرياضي التقليدي، كما برز مشرفين ومدربين ومنظمين لهذه الدوريات الأهلية مثل، مفتاح الهمالي، الشهير بـ مفتاح شقة، وعلي زينوبة، وموثقين لهذ الاحداث الرياضية بالصور، مثل علي بوغرارة.
وكانت فرق كرة – ملاعب الستاك – تتكون من خمسة لاعبين وحارس، وتجرى المبارة في شوطين زمن كل شوط نصف ساعة، بينهما حوالي عشر دقائق استراحة، أما مساحة المرمى فإنها في حدود عرض ثلاثة أمتار، وارتفاع 180 سم.
مع الأيام أصبح دوري الساحات في بنغازي يحوز على قاعدة شعبية كبيرة، تتمتع بمشاهدة مهارات لاعبين هواة ومحترفين، من لاعبي اللعبة الشعبية الأولى، وهي كرة القدم، واصبح الجميع كباراً وصغاراً، ينتظرون بشوق حلول شهر رمضان من كل عام لمشاهدة عروض دوري الساحات الشعبية (الستاك).
بقلم: عبد السلام الزغيبي