وجه من وجوه بنغازي

صالح بويصير

صالح بويصير

ولد صالح مسعود بويصير في بنغازي عام 1925م والحكم الفاشي يزحف على البلاد بل على أرواح العباد وبعد أعوام طرقت آذانه صيحات المجاهدين دفاعاً عن الوطن الغالي ... في هذا الجو الذي خنقته الرجولة والوطنية شب صالح فأعلن تمرده عام 1931 على الأمر القاضي بأن يحيي الليبيين كل فاشستي يمر عليه بالتحية الفاشية.أرسله والده إلى القاهرة لتلقي العلم في أزهرها الشريف، واشترك صالح في جميع الهيئات السرية التي أسسها الطلبة الليبيون في مصر وكان لها دورها الفعال في إذاعة ما ارتكبه الفاشيست من ضروب التنكيل بالليبين المجاهدين.

عاد صالح إلي وطنه عام 1943م بعد أن تخلصت ليبيا من حكم الطغاة، إتجه صالح إلى الصحافة ليوضح من خلالها للشعب حقائق الأمور وخبايا الموقف وما يدبر ضده من مؤامرات، فتولى رئاسة تحرير جريدة "بنغازي" التي كان يصدرها مكتب الإستعلامات البريطاني، ثم أبدل اسمها إلى "برقة الجديدة" فأصبحت منبراً حراً إنطلقت منه دعوة الحرية والسيادة المطلقة، خلال هذه الفترة لم يقطع صلته بالصحافة المصرية رغم رئاسته لتحرير برقة الجديدة فكان يزود جريدة المصري بالعديد من المقالات والأنباء خلال عامي (46-47) تضمنت هجوماً مركزاً على الحكم البريطاني في ليبيا وأهدافه للسيطرة علي البلاد، وفي عام 1947م أصدر مجلته الشهرية "الفجر الليبي" واتخذ شعار "لسان الصراحة وضوء الحقيقة".

خاض صالح المعركة الانتخابية عن دائرة توكرة لتشكيل أول مجلس نواب في برقة وخاض مع بعض أعضاء المجلس معارك حامية ضد حكومة برقة، وعندما أعلن إستقلال ليبيا وتقرر إجراء إنتخابات نيابية في فبراير 1952م خاض صالح المعركة وفاز بالعضوية.

أصدر صالح جريدته الأسبوعية "الدفاع" عام 1952م حتى أغلقتها الحكومة عام 1954م واستطاع خلال الفترة النيابية التي استمرت حتى أغسطس عام 1955م أن يلهب المجلس بآرائه لتثبيت قواعد الدستور والقانون، غادر صالح الوطن عام 1955م متخفياً إلى تونس بعد أن ضيقت عليه الخناق السلطات الحاكمة في ليبيا ثم غادرها إلى القاهرة حيث ظل بها حتى قيام الثورة 1969م واجتاز في المنفى مرحلة مالية قاسية بعد أن فرضت السلطات الليبية الحراسة على أمواله وممتلكاته ورفض بشكل قاطع أن يكون له مرتب شهري من الخزينة المصرية.

كان صالح أول الذين تبرعوا وساندوا حركة فتح الفلسطينية كما ساند جميع الحركات التحررية في شتي الأقطار العربية وكان بيته قبلة لكل قادة التحرر العربي من أبو عمار وبن بله وبومدين وغيرهم، كما شكل لجنة للدفاع عن فلسطين وزار القدس مرات عديدة وزار مخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن ووقف علىي شؤونهم وشجونهم وقاسمهم آمالهم وآلامهم كما أنشأ اللجنة الإسلامية عام 1968م هدفها تبني الطلبة الفلسطينيين وتحمل تكاليف دراستهم، واستجاب لدعوة صالح مئات الليبيين وغيرهم ولم يبخلوا عن تقديم كل عون للطلبة الفلسطينيين.

عاد إلى أرض الوطن في 1969.09.08م وتم تعيينه وزيراً للوحدة والخارجية في أول حكومة للثورة، وفي 1971.08.16م تولى وزارة الإعلام وفي عام 1972م ترك الوزارة ليخوض إنتخابات المجلس الإتحادي وفاز عن دائرة توكره بنجاح ساحق.

أعد رسالة ماجستير عن جهاد شعب فلسطين وسئل عن غايته من تلك الرسالة فقال : لنصرة الشعب الفلسطيني بعد ان ظلموه، نصرته من واقع الوثائق التي أمضيت في البحث عنها وجمعها سنوات طويلة، كما سجل رسالة دكتوراه عن جهاد الشعب الليبي ضد الغزو الايطالي إلا أن القدر لم يمهله واستشهد المناضل صالح بويصير يوم 1973.02.22م في حادثة سقوط الطائرة الليبية رحلة رقم 114 والتي أسقطتها قوات العدو الصهيوني فوق أرض سيناء.

الشهيد صالح بويصير أنكر ذاته واتخذ من خدمة وطنه أنيساً ورفيقاً، آمن بربه، عبده في خدمة وطنه وكانت أحلى صلواته في محاريبه وناضل في سبيله بالقلم وناضل بروحه وناضل بفكره وناضل حتى في غربته، فليكن في مسيرة صالح وموافقة ذكري وعبرة ونبراس.

المصدر: ناصر المانع